ماذا نجنى من الألقاب العلمية ؟

يختلف حاملو شهادة الدكتوراة وأساتذة الجامعة فى المؤسسات العلمية فى الغرب وأمريكا عن أقرانهم فى مصر والدول العربية فى أمر مهم هو أن أساتذة الجامعة فى هذه الدول لا يهتمون بوضع الألقاب والحروف أمام أسمائهم، فمثلا تأتى الكتب والأبحاث العلمية التى ينشرونها حاملة الأسماء دون الإشارة إلى الألقاب العلمية التى يحملونها ويستحقونها عن جدارة. ورغم محاولاتى المضنية فإننى فشلت فى أن أجد كتابا أجنبيا يسبق مؤلفه أى لقب علمي مثل البروفيسور أو الدكتور فلان. واتفق مع ما جاء فى مقال الأستاذ لبيب السباعى فى جريدة الأهرام الصادرة فى 12 يونيو 2006م أن المصريين من الشعوب التى تعشق الألقاب سواء العلمية أو غير العلمية. ومن الألقاب الشائعة فى ربوع المحروسة هو لقب الدكتور و الباشمهندس، وربما يعتقد البعض أن هذه الألقاب قد تعزز من مكانتهم أو تدعم جماهيريتهم إذا كان لدى هؤلاء طموحات سياسية أو نزعات انتخابية. وإذا كان لديك الأموال فيمكنك شراء هذه الألقاب من الداخل أو الخارج وذلك من خلال إجراء أطروحات أو أبحاث شكلية لا قيمة لها، فالهدف هو الحصول على اللقب العلمي المرموق. يعرف الجميع أن هنالك بعض الأساتذة فى مؤسساتنا العلمية يتساهلون فى منح هذه الدرجات الجامعية كالماجستير والدكتوراة دون أن تعكس هذه الدرجات القدرات العلمية لحامليها. كما أن هنالك مؤسسات فى الخارج تمنح هذه الدرجات والشهادات عبر الإنترنت مقابل مبالغ مالية ودون تكبد مشقة السفر أو البحث العلمى. ومن المسلم به أن هذه المؤسسات تعتمد على شعوب الشرق الأوسط لترويج بضاعتها وربما لا تجد من يتعامل معها فى بلادها.

وهذا الإسراف فى منح الدرجات العلمية دون ضوابط لم يؤد الى تطور البحث العلمى فى بلادنا بل ربما أدى إلى انخفاض قيمة هذه الألقاب. أعرف أن هنالك بعض موظفى الإدارات الجامعية كالشئون العامة والأرشيف حاصلون على درجة الدكتوراة ومازالوا يعملون فى هذه الإدارات بعد أن فشلت جهودهم فى الالتحاق بالتدريس الجامعى. والجدير بالذكر أن عشاق الألقاب والشهادات العلمية والحاصلين عليها بأساليب مختلفة قد ينجحون فى القفز فوق أسوار الجامعة واللحاق بقطار التدريس. وينجح هؤلاء فى ذلك من خلال وساطات يقوم بها بعض الأقارب والمحاسيب من ذوى النفوذ والسطوة فى الدولة، فى حين أن الطلاب من ذوى الكفاءة قد يفشلون فى الفوز بوظيفة معيد فى الجامعة. فبدلا من أن يتقى هؤلاء الله فى سطوتهم ونفوذهم  ويوجهونها فى سبيل الارتقاء والنهوض بهذا الوطن نجدهم يسعون لتعيين الأقارب والأصدقاء دون النظر فى مدى تأثير ذلك على الأوضاع العلمية فى الجامعة وفقدان الشباب الإحساس بالانتماء والعدالة والمساواة، وهى قيم بدونها تنهار الحضارات وتختفتى الأمم.