هل من سبيل لرفع مستوى خريجى الجامعات المصرية؟

يتعين علينا أن نعترف بأن  معظم خريجى الجامعات المصرية دون المستوى الذى نصبو إليه ونتمناه، وينكشف هذا الأمر عندما يخوض أحدهم امتحانا أو مقابلة شخصية، فعندئذ يدرك الممتحنون أنه يفتقد إلى الثقافة العامة ويعوزه المعلومات التخصصية التى تتطلبها الوظيفة التى يسعى إليها. ومن المعروف أن المؤسسات العلمية والتعليمية فى الدول العربية تنبهت لهذا الأمر وصارت تنظر بعين الشك لمستوى هؤلاء الخريجين واتسعت دائرة الشك رويدا رويدا لتشمل القائمين على تدريسهم فى المرحلة الجامعية. فمنذ عهد قريب تلقيت مكالمة هاتفية من مسئول بإحدى الجامعات العربية وفوجئت به يعرب عن حاجة الجامعة لأساتذة من الحاصلين على درجة الدكتوراه من الجامعات الأمريكية أو البريطانية. ومما لاشك فيه فإن هذه المؤسسات والجامعات العربية كانت حتى وقت قريب تعتمد على العقول المصرية التى ساهمت فى نشأتها وتأسيسها، ولكنها الآن تمارس حقها فى انتقاء واختيار من يصلح لتدريس أبنائها. ومن حقنا أن نتساءل: لماذا تغيرت نظرة المؤسسات والجامعات العربية واهتزت ثقتها فى خريجي جامعاتنا وأساتذتها؟

من الإنصاف أن نشير إلى أن الجامعات لا تتحمل وحدها هذا الانخفاض فى مستوى الخريجين، فهنالك ثمة عوامل مختلفة ساهمت فى خلق الواقع الذى نعيشه:

1.     الجامعات تتعامل مع مخرجات الثانوية العامة التى يتسلل من فصولها طلاب دون المستوى، ويمكن أن نطلق عليهم طلاب الدروس الخصوصية، لقد اكتشفت مصادفة أن الطلاب الذين أقوم بتدريسهم اللغة الإنجليزية يلجأون إلى أحد المراكز الخاصة لترجمة الموضوعات والدروس.

2.     معظم الجامعات تفتقد إلى الأجهزة العلمية الحديثة والمكتبات، ومن المعروف أن الباحثين بهذه الجامعات يضطرون إلى الاشتراك فى مكتبة الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

3.     معظم الجامعات الإقليمية تحرص على التوسع فى إنشاء الكليات والأقسام دون الاهتمام بتوفير أساتذة مقيمين فى محيط هذه الكليات.

4.     يعتقد بعض المسئولين فى الجامعات أن تعيين مدرس حاصل على درجة الدكتوراه أسهل وأقل تكلفة من تعيين معيدين ويتذرعون بالعجز القائم فى الأقسام والكليات التى أنشئت دون دراسة.

5.     النظام المعمول به فى ترقية أساتذة الجامعات ساهم فى انتشار المجاملات، لأن شخصية الباحث معروفة لدى اللجنة التى يمثل أمامها لمناقشة أبحاثه. أما فى الجامعات المتقدمة فإن الترقية تتوقف على تقارير أساتذة لا يعرفون ولا يعرفهم الباحث ولا تتم الترقية لدرجة أستاذ إلا لأصحاب النظريات والاختراعات العلمية.

هذه بعض العوامل التى ساهمت فيما وصل اليه الحال لمستوى مؤسساتنا التعليمية ولن يتبدل الأمر بالأمانى والأمنيات وتطبيق معايير الجودة بل من خلال توفير كافة متطلبات العملية التعليمية ومن خلال التعاون المثمر بين المشاركين والمساهمين فى مراحل التعليم المختلفة بدءا من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة.