2. هل يدعو الإسلام للعنف والإرهاب؟ روز اليوسف، عدد414، 10 ديسمبر 2006، ص6

الحوار المتمدن،  Saturday - 10/02/2007  -  العدد : 1822، ص42

تمثل أحداث الحادى عشر من سبتمبر نقطة تحول فى حياة المسلمين، إذ جعل الإعلام الغربى همه الأول والأخير إلصاق تهمتين بالإسلام: العنف والإرهاب واستخدم هذا الإعلام كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة من كلمات وصور وكاريكاتير للوصول إلى غايته. ومن المفروض أن يسعى المسلمون للوقوف فى خندق المدافع عن الإسلام بغية إبعاد هذه الاتهامات من خلال التأكيد على سماحة الإسلام الذى يدعو إلى السلام والأمن لكافة الناس. ومن الغريب أن يأتى المدافع عن الإسلام وتعاليمه بأمور تتناقض مع غايته وربما تخدم الأطراف الأخرى وتدعم حجتهم وبراهينهم. أسوق موقفين للدلالة على هذا الطرح.

كنت فى مدينة لندن عندما أطلق بابا الفاتيكان تصريحاته التى تلصق العنف بالإسلام ورسوله الكريم، وتابعت الصحف الإنجليزية التى تناولت الأمر وقرأت عددا من المقالات التى تنتقد البابا وتتهمه بالتسرع وعدم إدراك أبعاد التصريحات التى يطلقها. وأخذت المقالات المتعاطفة مع الإسلام تتزايد يوما بعد يوم حتى فوجئت فى أحد الأيام بمظاهرة إسلامية فى المنطقة المحيطة بكنيسة ويستمينستر حيث ارتفعت لافتة تطالب بالموت للبابا. وكان هذا التصرف نقطة تحول لدى الرأى العام البريطانى إذ انتهز أعداء الإسلام من رجال الإعلام هذه الفرصة— التى قدمها لهم المسلمون على طبق من فضة— للزود عن البابا وللدفاع عن الافتراءات التى جاءت على لسانه.

أما الموقف الثانى فقد كان فى مدينة كوم أمبو حيث أديت صلاة الجمعة فى الأول من ديسمبر. لقد سعدت عندما تناول خطيب المسجد الحملات المغرضة التى تتهم الإسلام بالعنف والإرهاب وساق الأدلة تلو الأدلة التى تؤكد سماحة الدين الإسلامي وأشار إلى التعاطف والرحمة الإنسانية التى تمتع بها الرسول الكريم حتى مع أحد الكفار الذى جاء ليقتله، لقد اسقط فى يد القاتل المأجور عندما قدم له الرسول (صلى الله عليه وسلم) المأكل والمشرب ولم ينصرف الرجل إلا بعد أن نطق الشهادتين طواعية. وفجأة تحول الخطيب للحديث عن وزير الثقافة وتصريحاته حول الحجاب والمحجبات، وكم صعقت وأدركت مدى الأزمة التى يعيشها الخطاب الدينى الذى يكتظ بالتناقضات عندما اصدر الخطيب رأيا متشنجا عنيفا عن العقوبة التى يستحقها مسئول الثقافة وهى الإعدام فى ميدان عام.

ومما سبق يتضح لنا أن المدافعين عن الإسلام يسيئون إليه ويقدمون يد العون لأعداء الدين الذين يسعون لإلصاق الاتهامات التى تتعلق بالعنف والإرهاب. ورغم أن الرسول الكريم قدم التعاطف والرحمة لمن اختلف معه وجاء ليقتله إلا أن مسلمى اليوم يقدمون الموت والقتل لمن يدلى برأى مختلف