المسلمون بين مطرقة العنصرية وسندان التعصب القبلى

العنصرية والتعصب القبلى من المشاعر البدائية التى انتشرت فى العصر  الجاهلى. لقد كان العرب يحتقرون النساء ويدفنون البنات ويتفاخرون بالأنساب والقبائل. ورغم أن تعاليم الإسلام تحث على نبذ العنصرية والتعصب القبلى إلا أن المسلمين مازالوا متمسكين بعادات الجاهلية ولم يستطيعوا التخلص من العنصرية والتعصب القبلى. والغريب أن هذه السمات البغيضة تأتى مقترنة بممارسة شعائر إسلامية كالصلاة والحج.

هناك من يعتقد أن مجتمع النوبة المسلم متماسك ولا يعانى من أمراض التعصب القبلى، لقد ظل أهالى إحدى قرى النوبة بكافة عشائرهم وقبائلهم يمارسون شعائر الصلاة فى مسجد القرية. وبعد مرور أربعين عاما على التهجير حيث تصاهر أهالى القرية وتوطدت علاقاتهم تذكرت كل قبيلة أنها فى حاجة إلى مقر مستقل وبالفعل سعت القبائل إلى تأسيس جمعيات خاصة تحمل أسماء وهمية تختفى خلفها العصبية القبلية وصارت تتبارى فى إنشاء مساجد ملحقة لأداء الصلاة.

أما مناسك الحج فلم تنجح فى القضاء على عنصرية بعض المسلمين وتتجلى هذه السمة المقيتة عندما يروى أحدهم تجربته فى الأراضى الحجازية. لقد تطوعت إحدى الصحفيات بجريدة أسبوعية مستقلة لتروى لنا هذه التجربة فى مقال صحفى ويا ليتها ما فعلت. فرغم أنها حاولت ان تنفى تهمة العنصرية عن نفسها إلا أن الكلمات والجمل تعبر تعبيرا صادقا عن خلجات النفس وعن المشاعر الدفينة التى لا نعترف بها علانية. ومن الواضح أن هذه الكاتبة لم تستطع أن تتخلص من هذا المرض فى الأراضى المقدسة ولم تعد كما ولدتها أمها بل ربما أضافت إلى ذنوبها ذنوبا جديدة كشفت عنها الفقرات الخمس التالية التى جاءت فى المقال الذى يكتظ بعبارات وإيماءات عنصرية:

1.     لكن الزحام يأتيك أينما كنت. هناك كتف (غالبا لأحد السود) يدفعك بكل عنف فى صدرك لتخلى مكانك ليحتله صاحب القبضة القوية وكأن هناك اختراق للضاحية فى الزحام يقودها نساء ورجال سود (الوصف لتقريب الجنسية وليس دليل عنصرية)

2.     أو لنقل إن هؤلاء الذين جاءوا من تحت الشمس الحارقة يعتبرون القتال (بالأيدى والأرجل ) أحد مشاعر الحج.

3.     كانت عائلات كاملة من الأفارقة (معظمهم من نيجيريا والصومال والسودان) قد افترشت الأرض لبيع منتجات بلادهم.

4.     وفى يأس ينحنى أحد السود لالتقاط ما فقده فلا نرى رأسه مرة أخرى.

5.     فإذا بعدد غفير من النساء السود يرددون سويا "لا إله إلا الله" بالتزامن مع محاولة يائسة لبعض الشباب…

ربما يعتقد القارئ أن هذه الكاتبة لم تذهب للحج والانغماس فى الروحانيات التى تجعلنا ننسى أبناءنا وأهلنا بل ذهبت لتراقب هؤلاء المسلمين الفقراء الذين تعايرهم بفقرهم وبمناخ بلادهم ولا ندرى أهى تعيب الخالق أم المخلوق.

وخلاصة القول فإن المسلمين لم يدركوا بعد أن التعصب القبلى والعنصرية البغيضة هى السبب الرئيس فى تخلفهم عن ركب الحضارة وعن المصائب والأزمات التى تهدد بقاءهم على وجه الأرض. وربما لا يدركون أيضا أن الإسلام ليس فى حاجة إلى اتهامات جديدة تتعلق بالعنصرية والتعصب القبلى.