ما الذى أفسد الأجواء الرياضية فى مصر؟

أبطال الرياضة فى مصر يقدمون القدوة لأطفالنا وشبابنا ومن المتوقع أن يتحلى هؤلاء الأبطال بالأخلاق والذوق واحترام القوانين. وقد تدفع الشهرة البطل الرياضى إلى حافة الغرور والغطرسة والتمرد والإحساس المبالغ بالأهمية، وهذا يفسر الأزمات القانونية التى مر بها بعض لاعبى كرة القدم.

 ومن المعروف أن أبطال الرياضات الفردية اكثر عرضة للغرور وفقدان التوازن النفسى وخاصة إذا كانوا من الحاصلين على ميداليات أولمبية. فالبطل الأولمبي كرم جابر الحاصل على ذهبية أثينا 2004 رفض التعاون مع اتحاد المصارعة وغلبه الغرور وقرر الرحيل إلى أمريكا من دون الحصول على إذن، وادعى أن تمرده جاء احتجاجاً على سوء المعاملة والتجاهل من قبل اتحاد اللعبة ثم قرر العودة معلناً فتح صفحة جديدة. لقد ظن هذا المصارع أن الميدالية الذهبية ستجعله فى مأمن من العقوبات التى تقررها اللوائح وفي نفس الوقت فقد أعلن الملاكمون أحمد إسماعيل وأحمد الباز ومحمد رضا أصحاب الميداليات الفضية والبرونزية في دوره أثينا اعتزالهم اللعب احتجاجا أيضا على سوء المعاملة وعدم التقدير من قبل الدولة. وكذلك اللاعبة نهلة رمضان التى رفضت الانضمام لمعسكر بورسعيد الذى يقام فى أحد مراكز الشباب ولم تستمع إلى النصائح وتطاولت بالقول على رئيس اتحاد رفع الأثقال فى برنامج تلفزيونى واتهمت مدربها بأنه لم يحصل على أية بطولات محلية.

ومن المؤكد أن الدولة لم تبخل على هؤلاء الأبطال وقدمت لهم الجوائز المالية وعلقت صورهم فى الميادين العامة وخرج الشعب ليستقبلهم فى المطار والتقى بهم رئيس الجمهورية الذى قدم لهم الأوسمة الرفيعة. أعتقد أن الاحتفاء الزائد عن الحد بإنجازات أبطالنا الرياضيين ساهم فى تدليلهم وفقدانهم للتوازن النفسى ودفعتهم إلى التمرد والعصيان على الأفراد والهيئات التى قدمت لهم يد العون، ومن الملاحظ أيضا أن أبطال الرياضة فى بلادنا يشعرون أنهم فوق القوانين ودائما هناك من يأتى لنصرتهم فى الأزمات التى يوقعون أنفسهم فيها ودائما هناك من ينادى بأن إنجازات هؤلاء الأبطال تغفر لهم خطاياهم، وهذا التدليل الذى لا مثيل له فى العالم المتقدم ساهم فى إفساد الأجواء الرياضية فى مصر.  ففى نوفمبر 2004  كان السباح الامريكى مايك فيليب الحاصل على ثمانى ميداليات فى أثينا 2004 بمفرده (ست ميداليات ذهبية وميداليتين برونزيتين) يقود سيارته وهو تحت تأثير الكحول فى سالزبورى بولاية ميرلاند،  فألقت الشرطة القبض عليه وقدمته للمحاكمة ولم تشفع له الميداليات الأولمبية ولم يتدخل أى مسئول لنصرته أو لتبرير فعلته. وفى نهاية العام أصدرت المحكمة حكمها بالسجن لمدة 18 شهرا مع وقف التنفيذ وغرامة 250 دولارا والتحدث أمام طلاب المدرسة الثانوية عن مخاطر القيادة تحت تأثير الكحول وحضور اجتماع لجمعية أمهات ضد القيادة تحت تأثير الكحول. وخلاصة القول فإن أبطال الرياضة يمثلون القدوة للشباب ولا لمجال لتدليلهم وتبرير أخطائهم ومعاونتهم على انتهاك اللوائح والقوانين.