موسم جنى الرخص

اعتاد المصريون منذ الأزل على إقامة الاحتفالات فى المواسم المختلفة، كالمواسم الخاصة بجنى محصول القطن والبلح والقصب والتى  يعتبرها الفلاحون عيدا يحتفلون به فى القرى والنجوع فى كل ربوع المعمورة. ومنذ فترة توقف أهل القرى والنجوع عن إقامة هذه الاحتفالات ولم يعد الناس يهتمون أو يتوقعون موسم الحصاد كما كان يفعل الآباء والأجداد. بيد أن هنالك موسما آخر يتوقعه أصحاب السيارات فى كل عام وهو موسم جنى رخص السيارات بكل أنواعها: النقل والأجرة والملاكى.

لقد سبق أن أثرت السلبيات التى نشهدها فى نقاط تفتيش المرور ولم أتطرق إلى أمور شخصية لأننى لم اعتد التحدث عنها فى مقالاتى. ويأتى هذا المقال مخالفا لهذا التوجه وذلك لسبب بسيط هو أن ما سوف أرويه يحدث لعشرات المواطنين الذين يشاء حظهم العاثر الخروج بسياراتهم فى مثل هذا الموسم، أى موسم جنى الرخص. وفى شهر مارس من كل عام تسحب رخصة سيارتى لأسباب مختلفة. ففى العام الماضى سحبت رخصة السيارة بحجة تلف طفاية الحريق التى سارعت باستبدالها لاستعادة الرخصة والغريب أن الرخصة كادت أن تسحب مرة أخرى فى نفس اليوم بحجة عدم تعليقها داخل السيارة وهذا الموسم أبى أن ينقضى دون سحب الرخصة بحجة تجاوز السرعة المقررة حيث دون الضابط على الإيصال أن السيارة كانت تسير بسرعة 91 والمسموح به هو 90 كيلومتر فى الساعة ولم يسع ساحب الرخصة أن يطلعنى على أبسط الحقوق ألا وهو الجهاز الذى رصد هذه المخالفة. وما يثير الدهشة أن سيارتى مازالت فى مرحلة "التليين" التى تلى "العمرة الكاملة للموتور" وهى مرحلة تتطلب عدم زيادة سرعة السيارة عن 80 كيلومتر فى الساعة.

ومن الواضح أن ما طرحناه لم يقدم أية إجابات أو حلول بل يثير أسئلة وتساؤلات عديدة، منها: لماذا يتوقف قرار سحب الرخصة على أقوال الضابط دون الحاجة إلى تقديم دليل يوضح به التجاوز فى السرعة؟ فلماذا لا يقوم جهاز الرادار بتدوين وحفظ أرقام السيارات والسرعات غير القانونية حتى يتم استخراج مستند مطبوع عليه هذه البيانات؟ وهذا سوف يدخل الطمأنينة فى قلوب المواطنين الذين يشعرون بالظلم جراء هذه الإجراءات. وفى حالة ثبوت المخالفة فلماذا لا يتم تحرير مخالفة فورية بدلا من سحب الرخصة وما يتبعها من إجراءات تؤدى إلى إضاعة الوقت والجهد ويكون ذلك على حساب الأعمال التى يؤديها أصحاب المركبات؟ هل الأمر—كما يرد على لسان المواطنين— يتعلق بزيادة موارد الخزينة من خلال سحب أكبر كمية من الرخصة سواء بحق أو بدون حق؟ لقد ترسخت لدى رؤية مفادها أن ما يكتب فى الصحف يصل إلى أذان المسئولين الجادين الذين يسهرون على راحة المواطنين ولا يألون جهدا فى تقديم الحلول لكافة المشكلات التى تصل إليهم.