|
|
هل الأقباط والنوبيون سينفصلون عن مصر؟
هنالك أقلام مغرضة ومتشبعة بحبر الأحقاد والمؤامرات الدنيئة تسعى جاهدة لنشر وترويج الشائعات والأكاذيب..فمنذ فترة ليست بقصيرة خرجت علينا هذه الأقلام والبيانات لتحذرنا أن الأقباط يسعون للانفصال عن مصر وأن أهالى النوبة سيحذون حذوهم نحو اقامة دولة منفصلة لا نعرف بعد حدودها وجغرافيتها.
ومن السهل دحض مثل هذه الافتراءات والآراء التى تعوزها الحجة والبرهان..فربما لا يعلم مروجو هذه الشائعات أن الأقباط لا يعيشون فى كانتونات منعزلة بل ينتشرون فى ربوع هذا الوطن، إذ لا تخلو قرية أو مدينة أو محافظة فى مصر من مواطنين أقباط يقيمون بجوار إخوانهم المسلمين.. ويستطيع المرء أن يلاحظ أن نفس المبنى قد يقطنه أقباط ومسلمون.. ويعمل المواطنون المصريون بصرف النظر عن هويتهم الدينية فى نفس المصلحة الحكومية ويتلقون نفس المرتب إذا تساوت الدرجة الوظيفية..ومن الملاحظ أيضا أن التلاميذ والطلاب مسلمين وأقباط يتلقون العلم فى المدرسة أو الجامعة نفسها. وينطبق هذا الكلام على أهل النوبة لأنهم منتشرون فى مدن شمال وجنوب المحروسة..ومن نافلة القول إن النوبيين هم أول من ناصر ثورة يوليو وصاغوا اجمل الأغانى تعبيرا عن فرحتهم بإنجازاتها وقدموا اصدق التضحيات فى سبيل نهضة ورفعة هذا الوطن..وفى تلك الأثناء كانت دوائر صنع القرار فى أوربا وأمريكا تعبر عن تعاطفها مع مأساتهم بيد أنهم رفضوا تدخل القوى الأجنبية فى شئون بلادهم..فإذا كان الأمر كذلك فكيف سيتمكن الأقباط والنوبيون من إقامة دولتهم؟ وما هى المدينة أو المحافظة التى سيتم إخلاؤها لتحقيق هذا الغرض.
ومن المؤكد أن مروجى هذه الشائعات والبيانات ربما يهدفون إلى إحداث شرخ فى النسيج الوطنى بل ربما يسعون إلى إضعاف الجبهة الوطنية وإثارة القلاقل التى قد تعسف بأمن الوطن..وربما يسعى هؤلاء إلى ممارسة الضغوط على الأقباط والنوبيين حتى يتوقفوا عن إثارة مطالبهم المشروعة والسعى لتحقيق الآمال التى ينشدها كل فريق..ويدرك العامة والخاصة أن الأقباط والنوبيين—شأنهم فى ذلك شأن سائر فئات المجتمع—لهم مطالب وآمال وقضايا تتعلق بتحسين أوضاعهم المعيشية والدينية..ويتعين على الحكومة أن تعمل على دراسة هذه المشاكل والقضايا التى ظلت حبيسة الأدراج منذ فترة طويلة وتستطيع أن تضع جدولا زمنيا لحل تلك القضايا.
ومما لاشك فيه فإن تحقيق هذه المطالب لا يتأتى بالاعتماد على أو الاستقواء باللوبى الأجنبى الذى لا يدرك أبعاد المشاكل والقضايا التى نتعايش معها.. وقد تزيد التدخلات الأجنبية التى نرتكن عليها الأمور تعقيدا وتؤثر سلبا على مشاعر المودة التى تسود بين مواطنى القطر الواحد.. وهناك أمر مهم لا يدركه القائمون على تدويل القضايا القومية: 1. اللوبى الأجنبي يهتم فقط بمصالحه ويتخلى عن قضايا الآخرين إذا تضاربت مع مصالحه. 2. قد تفقد الدولة الأجنبية التى نلجأ إليها قوتها وسطوتها وتطفو على السطح قوى أخرى غير متعاطفة مع القضايا المثارة. وهذا الأمر حدث بالفعل للدول (العراق وسوريا على سبيل المثال) التى كانت تعتمد على قوة وسطوة الاتحاد السوفيتى ولم تجد من يحميها بعد زوال الاتحاد السوفيتى.
وخلاصة القول فإن الدولة يتعين عليها الوقوف على القضايا التى تؤرق الأقباط وأهل النوبة وتعمل قصارى جهدها لحل هذه المشاكل..وفى المقبل فعلى أهل النوبة والأقباط التوقف عن تدويل القضايا ونبذ التدخلات الأجنبية التى لن نجنى منها شيئا سوى المزيد من الأزمات والقلاقل..وتجدر الإشارة إلى أن مروجى الشائعات التى تتعلق بالانفصال والانقسام لن ينالوا سوى الخزى وخيبة الأمل.
Sokarno2001@hotmail.com |