|
|
الفصل بين سلطات الدولة… لماذا؟ روز اليوسف، 30 مايو 2006 يطالب القضاة المصريون بإعداد قانون يدعم استقلال القضاة ويهدف إلى إرساء مبادئ العدالة والمساواة والحرية بعيدا عن تأثير السلطة التنفيذية المتمثلة فى وزارة العدل والتى تهيمن—فى ظل القانون الحالى— على السلطة القضائية وتحول دون تحقيق طموحات القضاة. ونستطيع أن نقول أيضا إن السلطة التشريعية فى حاجة إلى استقلال لأن الرئيس وفقا للمادة 136 من الدستور يستطيع أن يحل مجلس الشعب وإن كان بعد استفتاء الشعب. والسلطة الوحيدة التى لا تطالب بالاستقلال هى السلطة التنفيذية لأنها تمتلك كل عناصر القوة والهيمنة. ورغم أن البلاد فى حاجة إلى سلطات مستقلة فإن الأمر يتطلب إيجاد توازنات فى القوة بين هذه السلطات الثلاثة لأنها تعمل فى منظومة واحدة ولا يمكن أن تنفصل كل سلطة كليا عن السلطات الأخرى. إن ما يجعل النظام الأمريكي فريدا عن الأنظمة الأخرى هو ذلك التوازن فى توزيع السلطات للجهات الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والقضائية. فرغم أن الدستور الأمريكي لم يشر صراحة إلى مبدأ الفصل بين السلطات إلا أن المواد الثلاثة الأولى تؤكد ذلك: المادة الأولى من الدستور الأمريكي تضع كل السلطات التشريعية فى يد الكونجرس والمادة الثانية تخول السلطات التنفيذية إلى الرئيس ونائبه، أما المادة الثالثة من الدستور فتقوم بإسناد السلطات القضائية إلى المحكمة العليا والمحاكم الفيدرالية. والجدير بالذكر أن توازنات السلطة تتحقق من خلال قدرة كل طرف فى التأثير على قرارات الطرف الآخر، فمثلا للرئيس الحق فى اختيار أعضاء الحكومة وقضاة المحكمة العليا إلا أن هذه الاختيارات لا تنفذ إلا بعد موافقة الكونجرس، وكذلك يستطيع الرئيس أن يستخدم حق الفيتو لإيقاف تنفيذ قرارات الكونجرس. أما المحكمة العليا فتستطيع أن تقرر مدى دستورية قرارات الرئيس والكونجرس.
ورغم أن توزيع السلطات بهذا الشكل قد يؤثر فى الكفاءة الإدارية المرجوة فى الأجهزة المختلفة إلا أنها تدعم الحريات فى البلد وهذه هى الفلسفة التى تقف وراء الفصل بين السلطات. وهذا الدعم للحريات يتحقق من خلال الهدفين التاليين:(1) إن الفصل بين السلطات يمنع تركيز السلطة، هذا التركيز الذى يؤدى إلى الدكتاتورية. (2) إن الفصل يزود كل طرف بالآليات التى يستطيع بها أن تقاوم تجاوزات أو انتهاكات الأطراف الأخرى. وقد ذكر الرئيس الرابع للولايات المتحدة الأمريكية،جاميس ماديسون، فى الأوراق الفيدرالية أن الفصل بين السلطات يؤدى إلى كبح جماح الطموح والغريزة الإنسانية التى نولد بها وهى حب السيطرة والهيمنة على مقدرات الأمور.
|